الصدق خلق حميد و ريح طيبة للإنسان و هذ ما جعلني أكتب عنه :
قيل إن الصدق هو عمود الدين بعد الصلاة ، و ركن الأدب و أصل المروءة فلا تتم هذه الثلاثة إلا به . و قال الفيلسوف اليوناني ارسطاطاليس : أحسن الكلام ماصدق فيه قائله ، و انتفع به سامعه .
و قال المهلب بن أبي صفرة : ما السيف الصارم في يد الشجاع بأعز له من الصدق .
و كان يقال عن الصدوق فلان وقف لسانه على الصدق . و يقال : الصدق محمود من كل أحد إلا من الساعي . و يقال عبد فيما بينه و بين الله حقيقة الصدق لأطلع خزائن الغيب و لكان أميناً في السماوات و الأرض .
و قيل من لزم الصدق و عوّد لسانه به و فق .
و من غرائب الصدق ما جاء عن بلال رضي الله عنه عندما خطب لأخيه امرأة قرشية فقال لأهلها : < نحن من قد عرفتم ، كنا عبدين فأعتقنا الله تعالى ، و كنا ضالين فهدانا الله تعالى ، و كنا فقيرين فأغنانا الله تعالى ، و أنا أخطب إليكم فلانة لأخي فإن تنكحوها له فالحمد لله تعالى ، و إن تردونا فالله أكبر . فأقبل بعضهم على بعض فقالوا : بلال ممن عرفتم سابقته و مشاهده و مكانه من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فزوجوا أخاه فزوجوه ، فلما غنصرفوا قال له أخوه : يغفر الله لك ما كنت تذكر سوابقنا و مشاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و تترك ما عدا ذلك .
قال فقلت له : مه < اسم فعل بمعنى كف > يا أخي ، صدقت فأنكحك الصدق .
و خطب الحجاج فأطال ، فقام رجل فقال : الصلاة ، فإن الوقت لا ينتظرك ، و الرب لا يعذرك .
فأمر بحبسه فأتاه قومه و زعموا أنه مجنون و سألوا الحجاج أن يخلي سبيله فقال : إن أقرّ < أي الرجل > بالجنون خليته فقيل للرجل ذلك فقال : معاذ الله ، لا أزعم أن الله ابتلاني و قد عافاني ، فبلغ ذلك الحجاج فعفا عنه لصدقه .