عندما ترابط الآليات العسكرية الإسرائيلية قبالة أحياء سكنية فلسطينية؛ فإنّ الموعد يكون مع أنباء القتل الجماعي للسكان. تلك هي الخبرة الفلسطينية المتحصلة عبر عتحياتي من الاحتلال وسنوات من التوغلات الإسرائيلية المتلاحقة في قطاع غزة.
إلاّ أنّ ما شهده حي الزيتون، الواقع جنوبي شرقي مدينة غزة، منذ بدء المرحلة البرية من العدوان الإسرائيلي، يندرج على ما يبدو في سياق الفظائع التي سيصعب على الذاكرة الفلسطينية أن تنساها.
فقد أفادت أنباء ميدانية أنّ قوات الجيش الاسرائيلي أفنت عائلة فلسطينية بكاملها، وذلك بعدما قصفت تلك العائلة بعشرات القذائف، ليسقط أفرادها جميعاً، وعددهم سبعون فلسطينياً، بين شهيد وجريح.
إنها مجزرة جديدة لم تتكشف أبعادها الكاملة بعد، وقال عنها نائب السموني، البالغ من العمر 25 عاماً، إنّ قوات الاحتلال التي توغت شرق حي الزيتون، "قامت بتجميع عشرات الأسر من عائلاتنا، السموني، في بيت واحد، مساحته مائة وثمانين متراً مربع، ومن ثم قامت بدكنا بالقذائف لمدة عشرة دقائق حتى سقطنا جميعا بين جريح وشهيد".
وأضاف المواطن الفلسطيني الذي نكبته القوات الإسرائيلية باستباحة عائلته، أنه بعدما قامت قوات الاحتلال "بإمطارنا بهذا العدد من القذائف، تحوّل البيت إلى بركة من الدماء، فمنّا من مات على الفور، ومنّا من ظلّ جريحا يصارع الموت حتى فارق الحياة بعد ساعات"، على حد تأكيده.
وأشار السموني الى أنّ قوات الاحتلال منعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى أفراد العائلة المستهدفة، رغم المناشدات العديدة التي وجّهوها للصليب الأحمر، حيث ظلّوا ينزفون الدماء لمدة أربع وعشرين ساعة، قبل أن تتمكن سيارات الإسعاف صباح اليوم الاثنين من الوصول إليهم وإجلائهم.
وقال نائب السموني كاشفاً النقاب عن بعض التفاصيل "استشهدت زوجتي حنان، وطفلتي هدى، ووالدتي رزقة البالغة من العمر ستين عاماً، وكذلك معظم إخواني وأبناء عمي وأبناؤهم استشهدوا"، حسب توضيحه.
وروى الطبيب هيثم دبابش، ضمن طاقم مشفى الشفاء بغزة، أنه منذ أن تمّ قصف عائلة السموني، الأحد، جرت المسارعة إلى إجراء اتصالات مع الصليب الاحمر للتنسيق لدخول سيارات الإسعاف إلى المنطقة، بهدف إنقاذ هذه العائلة، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك إلاّ صباح الاثنين.
ومن إن وصلت الأطقم الطبية إلى تلك المنطقة حتى كانت الفاجعة التي رأوا فيها هؤلاء الضحايا الكثر. وأضاف الدكتور دبابش أنّ قسم الاستقبال في مشفى الشفاء لم يتسع لهؤلاء المواطنين المنكوبين، وعدهم سبعون، حينما وصلوا بين شهيد وجريح، متحدثاً عن عملية "إعدام جماعي بدم بارد" استهدفتهم.
وتبدو المخاوف قائمة من حدوث المزيد من المآسي الشبيهة في شرق حي الزيتون، تلك المنطقة الواقعة في مرمى النيران الإسرائيلية براً وجواً، بينما لا يستطيع ساكنوها أن يأمنوا على أرواحهم أو أن يغادروا منازلهم المهددة بالموت الجماعي.